وهي عبادة تؤدى بزيارة من استطاع من المسلمين من ذوي المال والصحة الكعبةَ المشرفة في مكة، والقيام ببعض الأعمال في أيام معلومات، ولمرة واحدة في العمر. يتناول الناس في علم الحج عبادة عظيمة ويمارسون الدعاء والذكر، حيث يستحضرون الله تعالى في جميع حركاتهم ويعمِّقون حبه تعالى في قلوبهم، ويحصلون على أوصاف حسنة كالتواضع والصبر والاستسلام والتعاون والإخلاص والانضباط في الوقت والحركة والاستعداد للموت ويوم القيامة وعدم إلحاق أي أذى بأي نبات وكائن حي واجتناب سوء الظن بأخيك، لأن الحج المتضمن رموزاً معينةً باعتبار وجهته الخارجية؛ هو في حقيقته عبارة عن حركات وأفعال تؤدى في أماكن مختلفة تجري بتمارين روحية شتى، وبالتالي فمن المؤكد أنه يمكن لكل أحد الاستفادة منه من جهة واحدة أو أكثر.
يوجّه الحج الإنسان إلى الحياة القلبية، لأن هذه العبادة اللطيفة والدقيقة مليئة بمظاهر الرحمة والمحبة كمنع اصطياد صيد ما أو الإشارة إلى مكانه بل حتى القضاء على ذبابة، ومنع قطف ورقة خضراء.
وفي الحج يكون الناس في اتفاقٍ قلبيٍّ باجتماعهم في مكان وزمان واحد، فتزول مفاهيم كالوطن واللون والهيئة والزي، وتحل مكانها الأخوة الإسلامية، فهناك يقف الآمر والمأمور والغني والفقير والعالم والجاهل والسلطان والرعية في صف واحد وساحة واحدة، حيث يستمع المسلمون هناك إلى آلام ومشاكل بعضهم البعض ويبعثون برسائل إلى إخوانهم البعيدين.
ثمّة عبادات أخرى غير التي ذكرناها، ولكل منها الكثير من الحكم والفوائد.
إنّ حكم العبادات وفوائدها غير محدودة بما أوضحناه، فلها الكثير من الأسرار التي لا يمكننا إدراكها ولكن قسماً منها ستتولى الأيام إظهاره لنا، والقسم الآخر سنفهمه في الآخرة.
ومما لا شك فيه أن المسلمين حينما يؤدون العبادات لا يفكرون بفوائدها الدنيوية، فإنهم يقومون بها لكسب رضا الله تعالى، لكن الفوائد التي تكلمنا عن بعضها هي من إحسان وإكرام الله تعالى لعباده. ومعرفة هذه الحكم وتأملها يُكسب الإنسان حرصاً وحماساً مختلفين.
وعند النظر في العبادات التي تكلمنا عنها بإيجاز، نرى أن الإسلام متصل بجميع نواحي الحياة ومتداخل بها، فالإسلام دين أوسع من أن يحتويه يوم واحد أو زمان معين. فهو محيط بكل نواحي الحياة من الولادة وحتى الممات بل وما بعد الموت من الحياة الأخروية.