ب. العبادات في الإسلام وحِكَمُهَا

شهدنا في القسم السابق وجود الله تعالى وصفاته وخلقه للإنسان بأحسن تقويم والأهمية غير المحدودة التي أكرمه بها، والنعم التي منَّ عليه بالكثير منها. وبعد هذا كله فهل من الممكن تصور أنه ما من مسؤولية أو وظيفة في عالم هذه المخلوقات؟ أمِن الممكن أنْ نفكّر أنه لا فرق بين صاحب العقل والحيوانات وسائر المخلوقات غير العاقلة في هذا العالم؟ وكيف لنا التفكير بأن حياة هذا الإنسان لا تعدو الأكل والشرب واللبس والزواج والتكاثر ثم ما يلبث أن يرمي نفسه في أحضان العدم حيث يبتلعه الموت. يقول الله تعالى:

{أَفحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثَاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُوْنَ} (المؤمنون: 115).

{وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُوْنِ} (الذاريات: 56).

{وَاعْبُدْ رَبَكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِيْنُ} (الحجر: 99).

إن العبادة تعني إظهار العبودية لله تعالى وطاعته والإذعان له، وبالمعنى الواسع أن تكون جميع التصرفات والأحاديث والأحاسيس والأفكار الصادرة عن الإنسان في حياته في إطار الحدود التي رسمها الله تعالى.

وليست العبادة إلا عبارة عن أداء شكر النعم التي أكرم الله تعالى بها عباده والفضل الذي امتنَّ به عليهم.

والعبادات المؤدّاة تعود بالنفع على صاحبها، إذ إن العبادة تخلّص من التجذّر في المادية، وتوجّه الأنظار والأفكار نحو غايات أسمى وأعلى وتسمح بالتجول في أفق واسع.

ومن جهة أخرى فإن العبادات ليست مفروضة من أجل الآخرة فقط، وإلى جانب فوائدها المعنوية لها فوائد مادية أيضاً، إذ إن الإسلام عبارة عن نظام متكامل لا يُهمِل أيّاً من ميادين الفعاليات الإنسانية كما أنه مشتمل على جميع مناحي الحياة.

وفي الوقت نفسه فإن الإسلام يؤسِّس روح التكاتف والتآزر في ميادين الفعاليات الإنسانية، ولذا فإن الأعمال الدنيوية المناسبة للأحكام الإلهية تكسِب الثوابَ، والعبادات أيضاً محتوية على الكثير من الفوائد الماديّة والبدنية، وحتى لو أدرك عقل الإنسان بعضَ الحكم الدقيقة لهذه العبادات فإنه لن يستوعب الكثير منها، ثم إن الأصل في العبادات الإخلاص في العبودية لله تعالى وليس الحصول على المنافع الدنيوية، ولكن وللتشويق نودّ سَرد نبذة من فوائد العبادات:

%d bloggers like this: