يريد الإسلام من الناس أن يكونوا متفائلين، يقول الله تعالى:
{وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} (الأعراف، 156)
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ:
“لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ الخَلْقَ كَتَبَ فِي كِتَابِهِ وَهُوَ يَكْتُبُ عَلَى نَفْسِهِ وَهُوَ وَضْعٌ عِنْدَهُ عَلَى العَرْشِ: «إِنَّ رَحْمَتِي تَغْلِبُ غَضَبِي»” (البخاري، التوحيد 15)
وهذه العقيدة كافية ليكون المسلمون متفائلين، ومن ناحية أخرى فإن فضائل حسنة كالعفو والرحمة والصبر والتوكل والإذعان والرضا وحسن الظن تريح المسلمين في الحياة، وإن للمصائب والمحن والأمراض في تكفيرها للذنوب ورفعها للمنزلة المعنوية دوراً مهمّاً فيما يتعلق بتخفيف ثقل الحياة الدنيا. ومن المستحيل أن يغتم مؤمن بعد قيامه بما يجب عليه ويستسلم بعد ذلك إلى القضاء والقدر، والراضي بكل ما هو آت من الله تعالى يعيش سعيداً في حياة ملؤها السكينة والطمأنينة.
وأما بشأن غير المسلمين والمذنبين فإن باب التوبة مفتوح على مصراعيه ويمكن للإنسان أن يؤمن أو يتوب متى شاء ما لم تظهر أمارات الموت وعلامات القيامة، ولكنه وبما أن كلّاً من الموت والقيامة يتخطف الناس فجأة فعلى الناس فوراً التوجه إلى الله تعالى قبل ضياع الوقت. يقول الله تعالى:
{قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ} (الزمر، 53-54)
لقد منع النبي صلى الله عليه وسلم الناس من التشاؤم من بعض الأشياء وجعلَ النظرَ إلى الأمور بتفاؤل وحسنِ ظنٍ وتأويلها بالخير أساساً.[1]
ينصح الإسلام الناس بتجنب سوء الظن ويحثهم على حسن الظن بالآخرين دائماً، يقول الله تعالى في القرآن الكريم:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ} (الحجرات، 12)
فالمسلمون هم الذين يستقبلون المصائب من الله تعالى بالصبر ويتمنون الأجر منه بعد اتخاذهم الأسباب. وإن المسلمين لا يقنطون من رحمة الله أبداً إضافة إلى خشيتهم من سخطه فهذا ما يُفسَّر توازناً بين الخوف والرجاء.
وأما عند اقتراب الموت فيزداد شعورُ حسنِ ظنِّهم بين يدي الله عزّ وجل. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
“لَا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إِلَّا وَهُوَ يُحْسِنُ الظَّنَّ بِاللهِ عَزَّ وَجَلَّ” (مسلم، الجنّة، 81 – 82؛ أبو داود، الجنائز، 12-13/3113)
وبالنظر إلى الناحية المادية فليس من الممكن أن يكون المسلمون متشائمين، إذ قدّر الله جل وعلا رزقَ جميع البشر كما قال في الآية الجليلة:
{وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ} (الأنعام، 151)
{وَكَأَيِّن مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} (العنكبوت، 60)
لا بد لكل إنسان من الحصول والوصول إلى رزقه المقدر له، ولذلك يجب عدم التشاؤم في هذا الشأن بل التمسك بالأسباب اللازمة في توفير الرزق وينبغي أن نقنع بما قسمه الله تعالى من الرزق، من غير أن نقول عنه: إنه قليل أو كثير، بعد العمل على نحو شريف والقيام بما في الوسع، وعليه استخدام الرزق بما يرضي الله تعالى.